أخبار السعودية

عودة التركيز تمنح منتخبنا خطورة حتى آخر دقيقة


منحت تصريحات يونس محمود قائد المنتخب العراقي الأسبق «غير المسؤولة»، الوقود الكافي لشحن همم لاعبي الأخضر في مباراتهم أمام المنتخب العراقي ضمن الجولة الثالثة من منافسات المجموعة الثانية لبطولة خليجي 26، والتي تحتضنها الكويت هذه الأيام.وكان رد لاعبي الأخضر على استفزازات يونس صاعقًا وبأكثر من نتيجة، فقد أنهى الصقور المباراة بفوز عريض (3-1)، كان وحتَّى صافرة النهاية مرشحًا للزيادة بأكثر من ذلك.

ثانيًا، ودَّع أسود الرافدين البطولة بهذه الخسارة، وحجز الأخضر مقعده في نصف النهائي، وأعاد للاعبين ثقتهم بأنفسهم، بعد فترة من الشك، كانوا فيها هدفًا للنقد اللاذع من المحبين قبل أي أحد آخر.

أظهر اللاعب السعودي معدنه الأصيل، عندما يتعلَّق الأمر بسمعة منتخب بلاده، والشعار الوطني، وتفوَّق اللاعبون على انفسهم، وأعطونا درسًا في الروح القتالية، وإنكار الذات، من أجل رفع شعار الأخضر.

وتبارى الجميع في من يكون الأفضل في إطار من الروح الجماعيَّة، والبعد عن الفرديَّة، بداية من الجهاز الفني بقيادة الفرنسي هيرفي رينارد، الذي استطاع أنْ يهيئ اللاعبين نفسيًّا، ويخفف عنهم ضغط الجماهير، بسبب تراجع النتائج والمستويات في الفترة الماضية.

ونجح الجهاز الفني في استعادة تركيز اللاعبين، وهي النقطة التي أعلن أنها أهم ما يفتقده لاعبو الأخضر خلال هذه الفترة.

ولعلَّ قدرة اللاعبين ورغبتهم في إحراز الأهداف والاندفاع بقوة نحو مرمى المنافس، والذود بصلابة عن مرماهم حتى صافرة النهاية، أكبر مكاسب عودة التركيز للاعبين، ويكشف بصمة الجهاز الفني.

ثم جاء الدور على اختيار تشكيل المباراة، وتوظيف اللاعبين وفق خطَّة اللعب التي اعتمدها لمواجهة المنتخب العراقي.

فرأينا اليقظة التي كان عليها محمد العويس، واستطاع أنْ ينقذ مرماه من أكثر من كرة خطرة في أوقات صعبة، فضلًا عن روحه القتالية.

ثم يأتي من أمامه خط دفاع صلب، كان نجمه الظهير الأيسر نواف بوشل، الذي كان أحد أبرز نجوم كتيبة الأخضر في مباراة العراق، بدوره البارز في التغطية العكسية، التي بها استطاع أن يخمد أكثر من هجمة عراقيَّة معاكسة، في الوقت الذي كان يؤدِّي فيه الظهير الأيمن سلطان الغنام أدوارًا هجوميَّة.

كما أعاد حسان تمبكتي بصلابته وهدوئه بعض الأمان لمنطقة قلب الدفاع، بوجوده إلى جوار علي البليهي، الذي ظهر في هذه البطولة أقل ما كان عليه في مباريات الدوري مع فريقه، لكن رغم ذلك يُعدُّ خيارًا أفضل إلى جوار تمبكتي.

واعتمد رينارد في منطقة الوسط على الثلاثي ناصر الدوسري، ومحمد كنو، وعبدالإله المالكي، رغم أنَّ الرسم التكتيكي الذي دخل به المباراة 3-4-3، بانضمام نواف بوشل للاعبي الوسط، إلَّا أنَّه أمَّن منطقة المناورات بهذا الثلاثي، لإحباط المحاولات العراقيَّة الهجوميَّة مبكرًا!، ونجحوا إلى حد بعيد، خاصَّةً في بداية المباراة، بعدما توقع رينارد أنْ يدخل منتخب العراق المباراة بهجوم كاسح على أمل أنْ يسجل مبكرًا، وهو يلعب بفرصة واحدة للتأهل وهي الفوز.

وبعد إصابة المالكي، ودخول عبدالإله هوساوي، تطوَّر شكل وطريقة لعب الأخضر، واستطاع أنْ يزاحم المنتخب العراقي في السيطرة على منطقة وسط الملعب، والاستحواذ، بل وحتى التفوُّق، تحديدًا في الشوط الثاني، الذي قدَّم فيه لاعبو الأخضر أداءً مثاليًّا في كل شيء.

وفي خط الهجوم يأتي رجل المباراة ونجمها الأوَّل سالم الدوسري، الذي تحمَّل مسؤولية قيادة المنتخب، وحمل الأخضر على كتفيه، وأثبت أنَّه لاعب من الطراز الثقيل، ونضج لاعبًا وقائدًا.

لعب سالم الدوسري دورًا مهمًّا في فوز الأخضر على العراق، بتسجيله هدف السبق من ركلة جزاء، وصنع هدفًا آخر ببراعة فائقة، عندما وضع الحمدان وجهًا لوجه مع حارس العراق بعد تمريرة حريريَّة، توَّج بها توغل وتحوُّل هجومي مثالي من الشق الدفاعي للشق الهجومي.

ثم أضاف البديل عبدالله الحمدان هدفين ببراعة يُحسد عليها، وأكَّد أنَّه مازال لديه الكثير ليقدِّمه كمهاجم، يمكن أنْ يكون حلًّا للأخضر في مناسبات كثيرة.

فوز الأخضر جاء وقت كان منتخبنا في أمسِّ الحاجة إليه، وسيكون التتويج باللقب أثرًا آخرَ في نفوس اللاعبين والجماهير.

قيمة هذا الفوز ليس لأنَّه كان ردًّا عمليًّا على تصريحات يونس محمود فحسب، بل لأنَّ الأخضر كان في أمسِّ الحاجة إليه لاستعادة الثقة، وليبرهن على أنَّه أحد عمالقة اللعبة في القارة الصفراء، ودفعة معنويَّة وفنيَّة مهمَّة قبل العودة للتصفيات الآسيويَّة المؤهلة لمونديال 2026، التي عانى فيها وأصبح مطالبًا بتصحيح مساره.