المؤرخون أ. فريد زاهد وأ. إبراهيم كنداسة وأ. عبدالاله النجيمي أعضاء مركز التوثيق والأبحاث بنادي الاتحاد تحدثوا لـ«المدينة» عن تأسيس عميد الأندية السعودية وبعض أولوياته التاريخية:
لم يكن الأطفال والشباب في جدة ومكة يعلمون وهم يشاهدون أفراد البوارج الأجنبية يتقاذفون الكرة بينهم أن هذه الكرة قد تكون يوماً ما الحديث الأهم للمجالس ويهتف من أجلها الآلاف وتصرف عليها الملايين، وقد حاول هؤلاء الشباب فهم هذه اللعبة الجديدة التي وصلتهم مع أمواج البحر وهم يشاهدونها تلعب بشكل عشوائي بين إخواننا الجاويين والإندونيسيين ولكن الظروف السياسية والاجتماعية لم تكن مناسبة لنمو تلك الرياضة.
الرياضي الحجازي
مع بداية العهد السعودي الزاهر ودخول جلالة الملك عبدالعزيز إلى جدة واستتباب الأمن بالحجاز أصبح الوضع مناسباً لانطلاق الحركة الرياضية، وعند الحديث عن نشأة الاتحاد كنادٍ فيجدر بالذكر أنها لم تكن حدثًا رياضيًا فقط بل كان تأسيسه هو تأسيس لفكرة ومبدأ اجتماعي وهو أن الكل في الرياضة يجب أن يكونوا متساوين وأن من يحاول الإخلال بهذا المبدأ الاتحادي سيجد نفسه خارج التاريخ الاتحادي، وكانت البداية من الفريق الرياضي الحجازي، وكان من أبرز أعضائه، محمد عبدالله علي رضا، محمد صالح محمد سلامة، عبدالعزيز جميل، حسن كامل، حمزة فتيحي، عبدالصمد نجيب، محمد درويش، عبدالله بن زقر، عبدالرزاق محمد عجلان، محمد صالح محمد سلامة وقد اتجه بعض أعضاء الرياضي الحجازي، إلى المطالبة بجعل الفريق محصورًا على أبناء الطبقة الميسورة، وأن يتم استبعاد غيرهم وهو الطلب الذي رفضه الجزء الآخر من الأعضاء رغم أنهم أيضًا من أبناء الأسر الميسورة ماليًا ولكنهم كانوا ينادون بأن الرياضة يجب أن تكون للجميع دون تصنيف أو طبقية، ومع اتساع الخلاف قرر كل من عبدالعزيز جميل وشقيقه عبداللطيف جميل وحمزة عبدالله فتيحي وعبدالصمد نجيب وعبدالله بن زقر وعبدالرزاق محمد عجلان وصالح محمد سلامة وغيرهم أن يؤسسوا نادي الاتحاد واجتمعوا في غرفة تابعة لمبنى اللاسلكي وكان ذلك بتاريخ 26 ديسمبر 1927م، فتأسس الاتحاد ليكون ناديًا لجميع أبناء الوطن ومن هنا كانت بذرة شعبية الاتحاد وسر محبة جمهوره له، ذلك أنهم يشعرون أنه لهم ومنهم وإليهم.
المواجهة الفاصلة
ومع الوقت وجد الفريق الرياضي الحجازي نفسه مجبراً لمواجهة هذا المارد الاتحادي الذي ذاع صيته وفعلاً حدث اللقاء المنتظر في مايو 1932م وتواجه الفريقان ونجح الاتحاد بالفوز حيث انتهت المباراة بفوز الاتحاد 3-0 وكانت هذه المباراة بمثابة الضربة القاضية للرياضي الحجازي ومعها انتصر الاتحاد ليس فقط بالملعب، بل انتصر لفكرته ومبدأه الذي بسببه نشأ، ولاحقاً اندثر الفريق الرياضي الحجازي وانضم لاعبوه للاتحاد ليصبح بذلك الاتحاد هو النادي الأقدم والعميد الأوحد للأندية السعودية حتى يومنا هذا.
وبالحديث عن تأسيس الاتحاد فلابد أن نتحدث عن جمهوره الذي هو الداعم الأول معنوياً لناديه ولطالما كان حضوره الكثيف مضرباً للمثل ولذلك كان الاتحاد هو أول من أدخل نظام التذاكر في عام 1932م عبر إعلان نشر بتاريخ 8 مايو 1932م بصحيفة صوت الحجاز ليتيح بذلك لجمهوره دعمه مادياً ويكون نموذجاً في التنظيم وسابقًا لعصره في استحداث الأنظمة.
أول بطل
ويتذكر الاتحاديون في هذا اليوم بمزيج من مشاعر من الفخر والامتنان جميع مؤسسي ناديهم وكذلك أول رئيس بتاريخهم وتاريخ الأندية السعودية السيد علي هاشم سلطان، وأول مدرب بتاريخ الاتحاد والأندية السعودية الشيخ محمد صالح سلامة، وقائم مقام جدة بعهد الملك عبدالعزيز وأول رئيس شرف للاتحاد الشيخ عبدالله علي رضا -رحمهم الله جميعاً-، ولا ينسون أحد أهم المؤسسين وصاحب فكرة مسمى (الاتحاد) الشيخ عبدالعزيز جميل الذي استطاع الاتحاد بعهده تحقيق أول بطولة بتاريخه وكان ذلك قبل 90 عامًا وذلك حين أعلن الاستاذ أحمد ناظر عن إقامة بطولة على نيشان ابنه فؤاد ناظر، وبتاريخ 24-2-1933م يلتقي الاتحاد ومختلط (الاتفاق) بجدة وينتهي اللقاء بفوز الاتحاد بنتيجة 3-0 وبذلك يكون الاتحاد هو أقدم نادي سعودي يحقق بطولة ويصعد لمنصات الذهب.